وصلتني رسالة صوتية من أمريكا بعد مقال حوار القلم الأسبوع الماضي الذي مر سريعاً كالعادة، والذي كان بعنوان «المقيمون.. وأحوالهم وواجبنا تجاههم».
والرسالة الصوتية التي وصلتني كانت باللهجة القطرية ولكنها من مقيم من أبناء قطر الذي أجبرته الظروف على الهجرة إلى أمريكا عندما أقفلت أمامه أسباب العيش والحياة، ورغم نجاحه الباهر الذي حققه في غربته فكانت في صوته نبرة حزن وحسرة! فقال في رسالته: «أنا من مواليد الدوحة وعشنا تحت سمائها ٤٠ عاما ولم اعرف دولة غير قطر.. حفظت في مساجدها القرآن حتى ختمته مما أهلني لإمامة الناس في الصلاة ودرست في مدارسها حتى تخرجت مهندسا في جامعة قطر، وكنت رياضيا ماهرا ولعبت في أنديتها وبفضل وتوفيق من الله ثم دعم المسؤولين حققت لقطر الحبيبة الكثير من الانتصارات والدروع والميداليات وغيرها، فكنت مهندسا ورياضيا وإماما وكل ذلك بفضل دولة قطر التي أسستني وصرفت علي حتى أصبحت ما أنا عليه ولله الحمد..
وبعد تخرجي لم أجد الوظيفة المناسبة، واذكر جملة لا تزال في ذاكرتي عندما قال لي أحدهم (لا يكون صدقت انك قطري!) وكان ذلك بخصوص الوظيفة المناسبة.
فاضطررت للسفر إلى أمريكا لمواصلة دراستي والحصول على الماجستير وخلال الدراسة لعبت للجامعة رياضيا فتألقت وأصبحت مدربا ومن هذا الباب تم اختياري من قبل اللجنة الأولمبية الأمريكية كمدرب معتمد في دورة الألعاب الأولمبية في فرنسا.
وقبل ذلك تم تعييني في واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم في فرع أمريكا، ولله الحمد والمنة على النجاح ولكن لن أنسى أبدا أنني ابن قطر التي كان لها الفضل في تأسيسي تعليميا ورياضيا ودينيا
وأنا حقيقة لم اعرف غيرها وطنا ولم أرِ سماء غير سمائها.
وبالرغم من كل النجاحات التي أعيشها هناك دائما سؤال يندح في ذهني..( نحن نخدم من ونرفع اسم من؟! ) لماذا لم تأت لي الفرصة لأخدم بلادي قطر الدولة صاحبة الفضل لما وصلت إليه؟، كم تمنيت أن اخدم بلاد المسلمين ودولة مسلمة ونحن في صراع ومعركة الهوية الحضارية.
هذه قصة ونموذج مشرف لابن قطر العربي المقيم الذي يحمل الود وما زال يرجع الفضل لأهله وبرغم نجاحه الباهر فهو حزين
لعدم الاستفادة منه في الدولة التي استثمرت فيه.
وطبعا القصص كثيرة وما هذه القصة إلا غيض من فيض.
واليه أقول كثر الله خيرك ونفع بك أينما كنت ووليت وجهك الكريم. وما حياة الإنسان إلاّ طريق قد كتبه الله مسبقاً، والخير فيما اختاره الله.. لك محبتنا واحترامنا.
جاسم ابراهيم فخرو – الشرق القطرية