نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

مسافر عبر الزمن!

Posted by:

|

On:

|

من منا لم تراوده يومًا أحلام اليقظة بالعودة إلى الماضي، شوقًا إلى رؤية من افتقدناهم، أو استرجاعًا لشريط ذكريات براءة الطفولة وحيوية الشباب، أو ظنًا أن المستقبل ربما فيه الخلاص والنجاة من حاضر تكالبت علينا تداعياته..

من هنا نشأت فكرة السفر عبر الزمن في عقل الإنسان، هذا المفهوم كان محور العديد من النظريات العلمية والخيال الأدبي، حيث يطرح فكرة التنقل بين الأزمنة الماضية أو المستقبلية، مما يعكس الرغبة في فهم الزمن ومحاولة السيطرة عليه، ولكن “هيهات هيهات لما يظنون”! تعود جذور فكرة السفر عبر الزمن إلى الأساطير القديمة مثل قصة “ماهابهاراتا” الهندية التي تصور شخصية تنتقل إلى المستقبل.

وفي الأدب الحديث، اكتسب السفر عبر الزمن شهرة واسعة مع رواية “آلة الزمن” للكاتب البريطاني هربرت جورج ويلز، التي نُشرت عام 1895، حيث أدخل ويلز فكرة استخدام آلة تمكن الإنسان من تجاوز قيود الزمن، ما جعل المفهوم أكثر وضوحًا وواقعية بالنسبة للجمهور.

وفي الثقافة الشعبية، أصبح السفر عبر الزمن عنصرًا أساسيًا في العديد من الأعمال الفنية، مثل سلسلة أفلام “Back to the Future” ومسلسل “Dark”؛ حيث تعرض تلك الأعمال كيفية تأثير السفر عبر الزمن على الأفراد والمجتمعات.

وفي مصر لدينا تجربة تعرضت لفكرة السفر عبر الزمن بشكل “هزلي” هي فيلم سينمائي، حيث يسافر ثلاثة من الشباب إلى الماضي عبر إحدى آلات الزمن التي يعمل عليها أستاذ جامعي، وانتهوا إلى استكشاف مغامرات أباهم “الدنجوان”!!.

من الناحية العلمية، يرتبط السفر عبر الزمن بنظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين التي تشير إلى أن الزمن ليس ثابتًا، بل يمكن أن يتمدد أو ينكمش بناء على الجاذبية وسرعة الحركة.

بالمناسبة، العالم المصري الدكتور مصطفى مشرفة الذي حصل على درجة الدكتوراه من الخارج عام 1924، هو من رواد علوم الرياضيات والفيزياء، ويلقب “بأينشتاين العرب”، وناقش بعض أبحاثه مع ألبرت أينشتاين، وذاع صيته في العالم، ووصف بأنه واحد من سبعة علماء على مستوى العالم يعرفون أسرار الذرة.

طبعا لا يمكن تقبل فكرة السفر عبر الزمن بهذه السهولة، إذ يثير السفر عبر الزمن العديد من التساؤلات الأخلاقية والفلسفية، حتى وإن كان “محض خيال”، منها على سبيل المثال، ما يسمى بـ “مفارقة الجد”، والتي تتصور أنه إذا عاد الشخص إلى الماضي وقتل جده قبل أن ينجب أباه، فكيف يمكن أن يكون الشخص موجودًا ليقوم بذلك؟!! هذه المفارقة تسلط الضوء على التناقضات التي قد تنشأ نتيجة التدخل في الماضي، ما يعني أنه في حكم المستحيل؛ إنما هو خيال يداعب كتاب القصص والخيالات، كما أنه لا مخلوق على وجه الأرض يمكنه الجزم بما سيحدث في المستقبل، القريب أو البعيد، على وجه اليقين؛ سوى بعض الأنبياء والرسل؛ “عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ..”.

ربما يقول قائل، إذا كانت دولة تستعد لحرب أو غزو دولة أخرى، أو أن قرارات اقتصادية منتظرة ستؤثر سلبًا أو إيجابًا على الناس؛ أليس ذلك تنبؤا بالمستقبل..

الأمر لا يخرج عن دائرة “ربما” وكذا “نظرية الاحتمالات” في عالم الاقتصاد، فقد يحدث الأمر أو لا يحدث.. ورغم ذلك، اجتهادات العلماء لم تتوقف، فبينما كان السفر عبر الزمن يعتبر خيالاً علميًا منذ فترة طويلة، قال فيزيائيان هما بن تيبيت من جامعة كولومبيا البريطانية وديفيد تسانج من جامعة ماريلاند أنه يمكن أن يكون السفر عبر الزمن ممكنا رياضيا. كيف ذلك؟، حيث طورا، باستخدام النسبية العامة لأينشتاين، نموذجا نظريا لآلة الزمن يطلقون عليها “تارديس”، لكي تسبح في فضاء الزمن للأمام وللخلف! ومع ذلك، فإن هذه الآلة التي افترضوها “نظريا” تحتاج إلى مادة افتراضية تكون قادرة على ثني الزمان والمكان بطرق غير مسبوقة؛ وهي ببساطة مادة لم يتم اكتشافها بعد، ولن يكتشفها أحد أبدًا!!.

وانتهى الأمر إلى تسليم بعض الباحثين بأن السفر عبر الزمن “مجرد خيال” لا يكون ممكنا أبدا، ببساطة لأن “المستقبل غير موجود بعد”، ولأنه في علم الله وحده، “قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ..”

حسن فتحي – بوابة الأهرام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *