نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

بروفيسور الغفلة.. وأستاذ بلا درجة

Posted by:

|

On:

|

نحن نغفل أو نتغافل عن إساءة استخدام لقب بروفيسور، هذا اللقب العلمي البحت الذي يشير إلى درجة علمية بحتة هي درجة أستاذ ويحصل عليها بترقية الأستاذ المشارك في الجامعة إلى درجة أستاذ بناء على نشر أبحاث في مجلات علمية متخصصة يفترض أنها مرت على محكمين في تخصص دقيق، ولا علاقة لهذا اللقب العلمي بالمشاركات الإعلامية، وسابقا قلت إن من يضع لقب بروفيسور في الإعلام كمن يدخل السوق بالمعطف الأبيض والسماعة الطبية، وهذا ممنوع، وهو نتاج شعور بتعويض نقص.

تاريخ لقب بروفيسور يعود لكلمة لاتينية تشير لمدرس خاصة في الجامعة أي أستاذ جامعي وهو لقب أكاديمي رفيع يحصل عليه الشخص بناء على تميزه في الأبحاث والتدريس الجامعي أو هما معا، وغالبا يحكم الوصول لهذا اللقب الأكاديمي في الجامعات أنظمة ترقية تشترط إجراء عدد من الأبحاث ثم نشرها في مجلات علمية متخصصة في ذات التخصص الدقيق بعد مرورها على محكمين معتمدين، وتختلف دقة الشروط والرقابة عليها حسب مكانة الجامعة ومركزها العالمي.

وغني عن القول إن البحث العلمي الذي هدفه الترقية، كغيره من مجالات الحياة والإغراءات الدنيوية قد يكون عرضة لإساءة الاستخدام أو بلغة أكثر شفافية التحايل، فقد يعتمد رئيس قسم أو وكيل كلية أو عميد أو حتى أستاذ مشارك على مساعد باحث مقيم في إجراء بحوثه ومراجعة نتائجها وكتابة البحث باسمه، وهو ليس بالأمر النادر، والأدهى والأمر أن بعض الجامعات المؤسسة ارتجاليا ودون أساس أكاديمي قوي قد تسمي حامل البكالوريوس أستاذا مساعدا وهو لا يرقى بمؤهله إلى درجة محاضر، معتمدة على درجة طبية أو صيدلانية أو أحد التخصصات الصحية المساعدة لحامل البكالوريوس الذي لا يستحق أكثر من درجة معيد فكيف يتدرج ليصل إلى درجة أستاذ مشارك أو أستاذ وهو لم يحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة (PhD)؟! هذا أمر غريب فثمة فرق كبير بين السلم الصحي للممارسين الصحيين والسلم الأكاديمي الذي يبدأ بشهادة الماجستير ودرجة محاضر ولا يمنح درجة أستاذ مساعد إلا لحامل الدكتوراه، لكن ذلك يحدث في بعض جامعات العالم الأقل تقدما وإن كان نادرا.

وفي كل الأحوال فإن الوصول للقب بروفيسور في مجال دقيق لا يخول حامله لاستخدامه في مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، كما أن الأستاذ (البروفيسور) في فرع دقيق لا يمكن أن يدعي الإلمام بكل علوم التخصص أو التميز فيه ولا القدرة البدنية للإبداع في إجراء جراحي مثلا، فمن الأخطاء التي وقعنا فيها كعرب الخلط بين اللقب الأكاديمي والمهارة الجراحية، كأن نقول: أجرى جراحة الرباط الصليبي لركبة اللاعب الفلاني البروفيسور فلان، أو أجرى جراحة القلب البروفيسور فلان، والحقيقة أن هذا الفلان أو ذاك ليس ماهرا أصلا في الجراحة أو أنه بلغ من العمر مرحلة لا يتحكم فيها برعشة يده ومن أجراها أحد مساعديه الشباب، فلا الأول من أبدع ولا الثاني بروفيسور، لكن الأمر برمته تدليس على اللاعب المصاب أو المريض من أجل المغالاة في التكلفة، وهذا ما أنا بصدد التنبيه له، فلا تخدعكم عبارة بروفيسور لا في معلومات ليست ضمن التخصص البحثي الدقيق ولا في التدخلات الطبية ولا حتى علم النفس فليس ثمة تميز إلا أكاديميا فقط، فإذا أجرى الباحث بحثا في مجاله الدقيق فهو عرضة لرأي المحكمين، وإذا تحدث في غير علمه الدقيق فليقل ما يشاء ولكن ليس تحت لقب بروفيسور لأنه بذلك يخدع المتلقي، وبالمناسبة الواثق من نفسه لا يستخدم هذا اللقب إعلاميا ومن يحرص على ذكره لا يستبعد أن يكون “بروفيسور الغفلة”.

محمد الأحيدب – جريدة الرياض

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *