نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

لا أحد يتذكر الإسكندرية!

Posted by:

|

On:

|

فى عام 1996، أصدر الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد عمله المبدع «لا أحد ينام فى الإسكندرية»، حول العلاقات بين السكان المحليين والوافدين من الدلتا والصعيد خلال الحرب العالمية الثانية. راودنى عنوان مشابه هو «لا أحد يتذكر الإسكندرية»، بعد تعرض المدينة لعاصفة غير مسبوقة قبل أيام، تخللتها أمطار رعدية غزيرة وتساقط الثلوج مع رياح شديدة. خلال السنوات الماضية، لم تتوقف التحذيرات العلمية عن أنها معرضة للغرق، وأن المؤشرات بدأت بالفعل، إلا أن الأمور تسير بشكل طبيعى، وكأن لا شىء يحدث، إلى أن تقع عاصفة شديدة، فيسارع الجميع بالكلام والتحذير.

خلال مؤتمر التغير المناخى «كوب 27»، الذى استضافته شرم الشيخ عام 2022، دق علماء المناخ وسياسيون عالميون، بينهم بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، أجراس الإنذار من أن مدنا عالمية، بينها الإسكندرية، تواجه الغرق، إذا لم يتم التحرك الجاد والسريع. حدث تقليل من خطورة تلك التحذيرات حتى لا يصاب الناس بالرعب. ساد شعور بأن الأمور تحت السيطرة، وأن لدينا الخطط للمواجهة. صحيفة «الباييس» الإسبانية نشرت قبل أيام تقريراً تحدثت فيه إلى خبراء مصريين أكدوا أنه رغم تأكيد الدراسات العلمية ارتفاع مستوى سطح البحر، إلا أن غالبية المصريين، خاصة فى الإسكندرية، متشككون. الباحثون قالوا إن التغيرات تدريجية، ومن الصعب أن يلاحظها المواطن العادى، لذا لا يتفاعل معها. الدراسات المصرية تقول إن مستوى البحر يرتفع بمتوسط سنوى 1.5 مليمتر، فى الوقت الذى تنخفض فيه الأرض أسفل الإسكندرية كل عام بمقدار مليمتر أو مليمتر ونصف. الناس لا تشعر بذلك، لذا لا يهتمون.

هناك اهتمام بالحاضر، أما المستقبل فبيد الله. تقرير الصحيفة الإسبانية يقول إن كثيرا من المصريين يعتقدون أن شخصا ما سيتولى معالجة الأمر عندما يحين الوقت. أخشى أننا لو تصرفنا بهذه الطريقة، فلن يستطيع أحد معالجة الأمر مهما أُوتى من قدرة وعبقرية. لم يعد الأمر يقتصر على العواصف والأمطار الغزيرة فى الشتاء، وارتفاع الحرارة الشديد صيفا. دراسة علمية نشرتها المجلة العلمية «مستقبل الأرض» فى فبراير الماضى، كشفت أن انهيار المساكن فى الإسكندرية له علاقة بالتغير المناخى. كنا نعتقد أن الانهيار سببه البناء بدون تراخيص وتلاعب المقاولين وضعف الصيانة والبنية التحتية للصرف الصحى. لكن ذلك يحدث فى معظم المدن المصرية، ولا تنهار العقارات بنفس الوتيرة، كما فى الإسكندرية. الدراسة حللت أسباب انهيار 280 مبنى فى الفترة من 2001 حتى 2021، وخلُصت إلى أن الانهيارات فى تزايد، وأنها مرتبطة بالتآكل الحاد للساحل وارتفاع مستويات البحر. كما حذرت أيضا من أن هناك 7 آلاف مبنى معرضة للانهيار فى المدينة.
الخطورة أن هناك «توافقا رسميا وشعبياً» على التقليل من تأثيرات التغير المناخى بل إنكارها أحيانا. دراسة أخرى شملت مقابلات مع 100 من سكان منطقة المكس المعرضة بشكل أكبر للتغيرات، وجدت أن 90٪ منهم ليس لديهم خطط لمغادرة المنطقة لو حدثت تطورات سلبية. قلة فقط يعتقدون أن ارتفاع مياه البحر يشكل تهديدا. للأسف، الجدية مفتقدة. الغالبية «نائمة» بشأن تغيرات المناخ فى الإسكندرية.

عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *