نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

شاكرون لأنعمِهِ

Posted by:

|

On:

|

في ظني أنه لا يوجد (شكرٌ) حقيقي دون أن يكون قولاً وشعوراً وفعلاً.

ولكنه كأي شيء في هذا الوجود له جانب جلّي وآخر مستتر، روح وجسد، نية وعمل، فللشكر ظاهر وباطن، فأما ظاهره فهو القول والعمل، وأما باطنه فهو الاستشعار بالقلب.

وقد يتدرّج الشكر في إشراق ظهوره، فيتجلّى تدريجياً حتى يتحد بيّنه مع خفيّه، ولكنه حتماً لا يكتمل سطوعه إلا باتحاد القول والعمل والشعور.

فقد يتسامى المرء من الظاهر للباطن، فيعتاد الشكر، والدُربة على الملاحظة، ويتعمّد العمل والمسلك شكراً، حتى يستيقظ قلبه فيلحظ تعاظم الشكر في طويَّته.

وقد يكون العكس، فيكون شاكراً بقلبه، مستشعراً آلاء ربه، فلا يلبث أن يشرق ما في قلبه على جوارحه، فيعمل شاكراً كما أُمر آل داود من قبل (اعملوا آل داود شكراً).

وخلاصة الأمر أنه لا يوجد شكر من غير جسد وروح.

وهذا – في ظني – مدار الشكر وقوامه، أما التفصيل ورسم الحدود بين الظاهر والباطن فلكل منها مفهوم آخر دال عليه.  من جهةٍ أخرى، فهناك ارتقاءات العروج في (مقامات الشكر) فللشكر مراتب قد يكون أولها الشكر على النعم، ولكنها لا تلبث أن ترقى فتكون شكراً على كل أمرٍ، والحمد على أي حال، في حين التلذّذ بالنعم، وحين اختفائها، لأنه يتحوّل لشكر المُنعم نفسه على ما تفضل به، فلا يعود للنقمة والأسى عليك من سبيل.

ومن هنا فإن الإحاطة بمعاني الشكر ودلالاته أدنى للتمثل به على بيّنة، وأقرب إلى طلبه والحث عليه، حتى يدخل المرء دوامته المتعاظمة، فمن يدوم الشكر لن يُحرم الزيادة.

 لحظة إدراك:

ليس الشكر سوى سبيل الأوابين، المؤمنين بتعاظم الخير، المطمئنين الذين يرون النور في أحلك المواقف، ويعيشون على بيّنةٍ من ربهم، نواياهم حاضرة، وأعمالهم خالصة، ووجهتهم ساطعة، لم تتقطع بهم السبل، يعظمون القليل، ويشكرون الحال على أي هيئةٍ كان، فلا يكون مآلهم إلا الرضا والزيادة.

خولة البوعينين – الشرق القطرية