نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

الدين لله .. والوطن للعرب فقط!!

Posted by:

|

On:

|

إذا كنت من المعروفين بالعمل في مراكز البحث والمعلومات، والإعلام وكل ما يتعلق بالتعامل مع الرأي العام مباشرة، ستجد من يعرض عليك التعاون بمقابل مادي مغرٍ، مع مراكز ومؤسسات وكيانات تطلق على نفسها اسم “مراكز الدبلوماسية الروحية”، وتدعي التنوير والتدين، وتأخذ في إعادة تأويل النصوص الدينية، ونصوص التفسير، وتركز على قيم الود والتسامح، والتعايش والسلام، وخاصة ما يختص بالقضايا الشائكة في الشرق الأوسط والصراع العربي-الإسرائيلي.

هذه الكيانات التي انتشرت بشكل كبير بعد التطبيع الإسرائيلي مع عدد من دول الخليج والمغرب والسودان ، ومع حرب الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب العربي الفلسطيني، يتم من خلالها ضخ مليارات الدولارات على مراكز البحث والمعلومات ووسائل الإعلام وعشرات الفعاليات بدول المنطقة التي أطلقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية “الشرق الأوسط”، باعتبارها ” شرق أوسط” لموقعها، بما يدل على أن أمريكا تنظر إلى نفسها أنها مركز العالم والمهيمنة عليه!!

وتسعى هذه الكيانات إلى إقناع الشعب العربي بضرورة مزج ديانات “اليهودية والمسيحية والإسلام” في رسالة واحدة أو دِين واحد يجتمع عليه الناس، لوقف النزاعات والصراعات التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس “اليهود والعرب، بل بين أبناء الدين الواحد “سنة وشيعة “.

كما تسعى إلى تغيير الخطاب الديني ومسخ هوية ومعتقدات أبناء شعوب المنطقة، وقد ظهر جليًا ذلك فى إعلان “اتفاق أبراهام”، الذي يعطي كل أبناء الديانات ممن هم من سلالة سيدنا إبراهيم عليه السلام، الصلاة في “جبل الهيكل” الذي هو الاسم العبري للمسجد الأقصى المبارك، ما يعني أخذ الشرعية من العرب بأن المسجد الأقصى ليس خالصًا للمسلمين، وهو بند خطير لأنه يعطي حقًا مزعومًا لليهود للصلاة في المسجد الأقصى!!

مؤسسة “راند”، وهي مؤسسة أمريكية بحثية ذات صلة مباشرة بالمحافل الماسونية، ومن أهم مؤسسات الفكر الأمريكية ذات التأثير في دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بشئون الشرق الأوسط الكبير، بينت في تقريريها 2005 و 2007؛ إن من أهم أهداف “اتفاق أبراهام” هو إعادة بناء الدين الإسلامي ودمجه في الثقافة الغربية، وإعادة قراءة نصوص القرآن والسنة في ظل مقررات هذه الثقافة، ليكون العالم تحت الهيمنة الأمريكية في نظامٍ مستمر مستقر على حد وصفها !!

ووصف تقرير المؤسسة “الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والإستراتيجيات” بأنه “حائط منيع أمام محاولات التغيير، وقام بتصنيف المسلمين إلى أربع فئات: أصوليين، تقليديين، حداثيين، علمانيين.

والخطورة في تقارير “راند” أنها تشكل المرجع الأساسي في توجيه صناع القرار الأمريكي، خاصة مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية، فيكفي الإشارة إلى أن بول بريمر، الحاكم الأمريكي المدني السابق في العراق، قد ذكر صراحة في مذكراته عن غزو العراق، أنه ما إن وطئت قدماه أرض العراق وبدأ يسأل عن كيفية إدارة هذه الدولة، وإن تقرير مؤسسة “راند” الإستراتيجي كان أفضل السبل لتسيير الوضع في العراق!!

على جانب آخر، وفى نفس السياق، يأتى اتفاق “أبراهام” المشبوه، من أجل دمج الكيان الصهيوني في العالم الإسلامي عامة والمنطقة العربية خاصة؛ لينتقل من كيانٍ مرفوض إسلاميًا وعربيًا إلى كيانٍ مرحبٍ به ومرغوبٍ فيه، وليس جسمًا غريبًا وافدًا إليها كما هو الحال.

ومن الأهداف أيضًا: أن بسط الولايات المتحدة والدول الغربية نفوذها على البلاد الإسلامية والعربية وثرواتها لا يصبح محل استقباح وتهمة؛ لأننا الآن جميعًا أبناء دينٍ واحد، ولا نظر للعداء القديم بعد أن دخلنا في الدين الإبراهيمي الجديد.

فالهدف العام إذن: اغتصاب المنطقة العربية والإسلامية عبر دمج الصهاينة فيها، وإضفاء المشروعية على النفوذ الأمريكي والغربي، وهذه الإستراتيجية اكتملت أُسسها في عهد أوباما، وتبنتها إدارة ترامب وبلورتها تحت عنوان: خدمة السلام في الشرق الأوسط وإنهاء الصراع، وتلقفتها العواصم الغربية بقبول وترحاب غير مسبوقين .

إن تعايش العرب من مسلمين ومسيحيين لا مشكلة لديهم مع أبناء الدين اليهودي بدلالة معيشة أبناء هذا الدين بحرية واحترام في البلدان العربية على مدى قرون، وبالتالي فإن التعايش بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة أمر ممكن وحاصل على أرض الواقع، لكن المرفوض وغير الممكن حقًا، هو التعايش مع أتباع الكيان الصهيوني الغاصب، الذي قتل وشرد شعبًا واحتل أرضه، وجلب ملايين البشر من عتاة الإجرام من شتى بقاع العالم؛ بناء على أسطورة دينية، ويريد اليوم أن يفرض علينا تطبيعًا سياسيًا وثقافيًا ودينيًا باعتباره “تعايش أديان”!!

واختتم بما جاء فى بيان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف وحسمه لما يسمى (الدين الإبراهيمي)، حيث أكد أنها “ديانة” لا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية، ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي تقوم على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة، كما أنها تُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه إجماع علماء كل دين من الأديان وكل ملة من الملل.

وأكد البيان أن الأزهر الشريف يرفض رفضًا قاطعًا مثل هذه الدعاوى، كما يؤكد أن هذا الرفض لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان لتقديم العون والمساعدة للناس وتخفيف آلامهم وأحزانهم، وعلى هؤلاء الداعين لمثل هذا التوجه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم، وينفذون به أجنداتهم، بعيدًا عن قدسية أديان السماء وحرية الاختيار المرتبطة بها، وأن يتركوا الدين لله ويذهبوا بأغراضهم حيث يريدون، فإن الله لم ينزل دينه ليكون مطية لتحقيق المآرب السياسية، أو أداة للانحرافات السلوكية والأخلاقية.

لإن الإخلال بالعبودية لله حقيقته عبودية بشر لبشر.. وهو ما يريدون فعله.

فمقولتهم “الدين لله والوطن للجميع” مقولة مغلوطة؛ لأن الدين والوطن والجميع لله، وعلى العرب أن يعلموا ويعملوا بمقولة “الدين لله.. والوطن لله.. ولهم فقط “.

اشرف بدر – بوابة الأهرام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *