نأتيك بالخبر اليقين تابع تطبيق اخبار السودان العاجلة على متجر قوقل

تغذية العنصرية “سواء فى الغرب أو فى الدول العربية، فهل يقبل أى مصرى أن تُنظر له هذه النظرة فى أى مكان هو لاجئ فيه؟”

Posted by:

|

On:

|

هذه الواقعة حدثت على أحد مقاهى حى الكوربة فى مصر الجديدة، ليس مقهى من الكافيهات الفاخرة المنتشرة بشدة فى هذا الحى، ولكن مقهى بلدى كمقاهى الأحياء الشعبية، وكما للكافيهات روادها لهذه المقاهى روادها أيضًا.. كنت أجلس عندما شاهدت ثلاث سيدات يجلسن إلى إحدى الموائد، ويبدو من هيئتهن أنهن سودانيات عندما رفعت إحداهن صوتها فى غضب شديد وهى تنظر نحو مائدة أخرى تجلس إليها أربع نساء محجبات.. قائلة: «إيه فيه إيه؟»، مما يعنى أنها لاحظت أن السيدة تهمس إلى جاراتها عنهن.. فارتبكت السيدة قائلة: «مفيش، ده أنا بكلمها على حاجة تانية»، وجلست السيدات وانتهت جلستى فاقتربت من السيدة الغاضبة قائلة لها: «أهلًا وسهلًا بيكم.. إنتم منورينا»، فى محاولة منى لمحو تأثير ما حدث فابتسمت لى السيدة قائلة: «هى افتكرتنا سودانيات وإحنا نوبيات»، فقلت لها: «تبقوا منورين بلدكم»، وذهبت وفى رأسى عشرات الأسئلة حول ما يجرى فى مصر بخصوص السودانيين، وهذه الحملة التى يقودها لا أعلم من لإثارة المصريين ضد الوافدين بمنطق أنهم السبب فى صعوبة الوضع الاقتصادى فى مصر، والذى يضغط على المصريين بشدة.

فى نفس هذا اليوم قرأت هذا البوست فى الفيس بوك كتبته سيدة نقلته عن أحد آخر لا أعلم من: «من كام يوم ركبت الأسانسير مع ست سودانية وشها مهموم وحزين، فى الفترة القصيرة التى ركبنا فيها الأسانسير مع بعض لاقتها بتقولى: (معلش تحملونا شوية.. إحنا تقلنا عليكم معلش.. لكن ادعوا لنا الحال يتصلح)، أنا اتفاجئت شوية إنها بتوجهلى الكلام، وحسيت بالذنب رغم إنى ماعملتش حاجة، لكن قولتلها إنتو على راسنا من فوق، والبلد بلدكم، وربنا يصلح حالنا وحالكم.. هى مشيت وأنا مشيت، ومن ساعتها وأنا بافكر فى حجم الحزن اللى فى قلبها وقلوب غيرها.. ناس متغربة غصب عنها عن بلدها وناسها، وحتى المكان اللى راحوه مش مترحب بيهم من فئة خسيسة من الناس.. ماحدش بيرتاح بره بيته إلا لو كان بيته جحيم، فمتصعبوش الدنيا عليهم زيادة ما هى صعبة.. إحنا كمان حياتنا صعبة وحاسين بالغربة جوه بلدنا فكونوا رحماء ببعض يرحمكم الله».. منقول.السيدة فى الصباح أدركت الهمز واللمز وسببه وأغضبها، والسيدة الأخرى التى كتبت البوست واجهت الحزن الذى ينتج عن الموقف.. من المؤكد أن هناك حملة منظمة ضد اللاجئين والوافدين الذين أجبرتهم الصراعات والحروب على الفرار من وجه الموت بدعوى أن هؤلاء قد تسببوا فى غلاء الأسعار، سواء أسعار الإيجارات أو أسعار السلع الغذائية وغيرها، وكانت الأسعار قد بدأت ترتفع مع قدوم هؤلاء وليس قبل ذلك بكثير.. علينا أن ندرك حقيقة مشكلتنا حتى ننجح فى حلها، لا أن نلقى بالسبب على الآخرين الذين ليس لهم ذنب فيما جرى ويجرى..

مصر كانت دائمًا مضيافة، وكانت قبلة المرتحلين، سواء برغبتهم أو رغمًا عنهم، ولم يكن المصريون ينظرون هذه النظرة العنصرية للغرباء.. هناك من يُلقى بالكرة فى ملعب الوافدين ليقول لنا ليس الذنب ذنبى، وهذا لن يحل المشكلة أو المشاكل المعقدة التى نواجهها الآن، والحل ليس فى التبرؤ من المشكلة بل بمواجهتها والبحث لها عن حل، ثم من قال إنك يمكن أن تأخذ مثل هذا الموقف من الوافد أو اللاجئ بينما آلاف بل ملايين المصريين هم وافدون على دول أخرى، سواء فى الغرب أو فى الدول العربية، فهل يقبل أى مصرى أن تُنظر له هذه النظرة فى أى مكان هو لاجئ فيه؟ لتكف هذه الأيدى التى تعبث بمثل هذا الملف، فهى لا تفعل شيئًا سوى تقطيع الروابط بيننا وبين هؤلاء الوافدين.. تذكر أنك يمكن أن تكون فى نفس الموقف.

كريمة كمال – المصري اليوم